الكاريكاتور .. لمحة حول المنشأ

150

الكاريكاتور .. لمحة حول المنشأ

يجد بعض الباحثين أن ولادة فن الكاريكاتور كانت مع الإنسان القديم يوم رسم طريدته على جدران الكهوف، ويرى البعض الآخر في الرسوم على جدران الثكنات العسكرية الرومانية في بومباي التي حفظها رماد بركان” فيزوف” المنفجر امتدادا لهذا الفن، وهناك من يمد صلته إلى مصر الفرعونية، وغير ذلك الكثير. المهم في هذا الإطار يسمكن القول إن الكاريكاتور المتعارف عليه قد ولد في القرن السابع عشر مع آلة الطباعة مطلقا ثورة فنية معرفية عارمة.

ويمكن للمرء أن يرصد نقطة محددة كان لها عميق الأثر في بلورة تحول ضخم في مسيرة الفن التشكيلي، أدت على نحو أو آخر إلى انبثاق فن الكاريكاتور بما يمثله من مخزون وآفاق، ولعل هذه النقطة تتمثل بالضريبة المأساوية التي فرضت على الفنان الهولندي “رامبرانت”، على اثر لوحته (حراسة ليلية) التي لم يكبلها بالمبادئ التقليدية في تأليف اللوحة آنذاك، بل أطلق لإبداعه العنان في توزيع اللون، والتلاعب بالظلال والكتل، بطريقة غير مألوفة في ذلك الحين، الأمر الذي أثار حفيظة الضباط – النبلاء الذين تشكلوا كشخوص في اللوحة، ودعاهم لتوظيف مكانتهم الاجتماعية للقضاء على سمعة “رامبرانت” كفنان، بعد أن رأوا بفعلته هذه إهانة عظيمة مست ذاتهم. ونتيجة لذلك فقد عانى رامبرانت من الفاقة والعوز لمدة 26 سنة انتهت بوفاته، بعد أن رفلت حياته بالرغد والشهرة.

لعبت قضية رامبرانت دورا بارزا في تكثيف الشعور لدى الكثير من الفنانين بضرورة التحرر من القيود التي فرضها ومايزال رأس المال على حرية الإبداع. وأدى هذا الشعور المتراكم إلى خلق نمط ثوري شجاع أطلقه الفنان الانكليزي “ويليام هوغارت”، حيث انبرى لتوظيف النقش في طباعة رسومته بمئات وآلاف النسخ وببيعها بأسعار زهيدة جدا.

شكّل هذا النمط فتحا كان له عوائده الايجابية العديدة، حيث توافر للفنان إمكانية تحصيل الرزق بعيدا عن التبعية المذلة لأصحاب الثروات والطبقات النبيلة، وما يفرضونه من اختيارات تقيد الفنان، وتقضي على التطور الإبداعي للفن. ومن ثم أدخل الروح الطبيعية على اللوحة بعيدا عن كلاسيكية عصر النهضة، ومزجها بطابع تأليفي يغتني بالتناغم والحراك بأسلوب ذي إطلالة ساخرة بدلالة كون هذا الفن ليس ترفا للميسورين فحسب، بل شكلا تعبيريا راقيا يتواءم مع آفاق الإنسان العادي، ويعبّر عن مكنوناته بعمق. بعدها.

وبالتالي تمازج هذا الفن في أحيان كثيرة مع الحدث بطريقة ناقدة تتجه إلى الرأي العام، أخذت البذور الأولى لما بات يُعرف باسم “الكاريكاتور” بالنمو والتعملق.

نقلة نوعية في حياة الفن والثقافة شكلها الكاريكاتور منذ ولادته الأولى، نقلة كان قوامها التحطيم لقيود التقليد والتحجر من جهة، ومد الجسور نحو آفاق التطور والإبداع من جهة أخرى، حتى استحق هذا الفن عن جدارة أن يقال فيه “هو مستقبل الفنون” على ما يُنسب للفنان السريالي الرائد سلفادور دالي.

نزار عثمان/ بيروت
خاص- موقع الكاريكاتور السوري
 
 


Director| Raed Khalil
موقع الكاريكاتور السوري الدولي
رسام الكاريكاتور السوري رائد خليل
| جميع الحقوق محفوظة|

 



 

More..
Latest news