فنان الكاريكاتور الإيراني مسعود شجاعي طباطبائي: الكاريكاتور لغة تصويريـة.. وفن نقد ومعارضة

225

فنان الكاريكاتور الإيراني مسعود شجاعي طباطبائي: الكاريكاتور لغة تصويريـة.. وفن نقد ومعارضة

 الكاريكاتور لغة دولية وتأثيره كبير في القضايا السياسية والحياتية
 المهرجانـات والمسابقات مهمة للتواصل الفني والفكري

يعمل الفنان مسعود شجاعي طباطبائي مديراً «لبيت الكارتون» ولموقع إيران كارتون الالكتروني، ويرأس تحرير صحيفتي «كيهان كاريكاتور» و«إيران كارتون»، اختار فن الكاريكاتور لأنه لغة تصويرية مقروءة عالمياً، وهو فن معارضة يتناول القضايا والمشكلات التي تهم الناس ويعانون منها، ويحترف  رسم الكاريكاتور السياسي والفني.
زار دمشق مؤخراً للمشاركة في لجنة تحكيم المسابقة الدولية الثالثة للكاريكاتور- سورية 2007، فالتقيناه في وقفة تحاورنا فيها معه حول فن الكاريكاتور ورؤيته لهذا الفن وأسلوب عمله، حيث يعتمد في مصادر أعماله على الأحداث السياسية والظواهر الاجتماعية، إضافة لبعض الأفكار الحرة التي تخطر في باله ويعمل على تصويرها كاريكاتورياً، فأي  شيء أو حدث يراه يسجله على مفكرة صغيرة، فإذا كان كثير من الأخبار والأحداث تمر على الناس مرور الكرام، فإن الفنان شجاعي ومن نظرته ورؤيته الحساسة للأمور، والتي يختلف فيها عن الآخرين يقوم بتجسيد هذه الأحداث في تصويرات وأشكال يغلفها بحس فني ساخر يجعلها تبدو قريبة من فهم الناس وإدراكهم منطلقاً من إيمانه بأن فن الكاريكاتور رسالة تحمل مضموناً عميقاً ومباشراً، وعلى عاتق رسامي الكاريكاتور تقع مسؤولية تقديم هذا الفن بأسلوب واضح وشفاف حتى يحقق الهدف المراد منه.
وعن الطريقة التي يوافق فيها بين عالم الرسم وعالمه الداخلي، أي اللحظة التي يركن فيها إلى لوحته يقول:
«أنا أعمل في مجال الكاريكاتور منذ خمسة وعشرين عاماً، الأمر الذي أخذ لدي طابع العادة والروتين، وأصبح جزءاً من تكويني الذي   يلازمني بكل حالاتي، فأنا أرسم بأية لحظة  تأتيني الفكرة، بغض النظر عن حالتي ومزاجي، والأفكار تبقى جاهزة في ذاكرتي وذهني لفترة طويلة في حال لم أكن بوضع مزاجي يهيئني لتقديم أفكاري بالطريقة التي أرغب»..

أما معايير الاحتراف في فن  الكاريكاتور فيراها الفنان شجاعي تتركز في أعمال الفنان المتفرغ لهذا الفن والمرتبطة حياته به، فهذا ما يمكن أن نطلق عليه تسمية فنان كاريكاتور، يتابع الحدث  ويلتقط اللحظة ليعبر عنها حسب رؤيته وتصوره لها، خاصة وان هذا الفن يرتبط بالأحداث الراهنة، أما الفنانون الذين يعملون بمجالات فنية اخرى مثل الغرافيك أو الكارتون فهؤلاء لا نستطيع ان نطلق عليهم صفة فنانين كاريكاتوريين محترفين، وانما يكون مجالاً من مجالات الفن الذي يمارسونه.
ويرى الفنان شجاعي ان علاقة وثيقة تربط بين الصحافة والكاريكاتور، ويمكننا اعتبار رسمة الكاريكاتور التي تتضمنها صحيفة ما، تماثل في تعبيرها أي مقالة صحفية تضمها الجريدة، بل ربما تفوق المقالة في أهميتها وعمقها ومعالجتها للفكرة التي تتناولها  وتقدم للقارىء او المتلقي معاني وأبعاداً أعمق وأقوى مما قد تقدمه المقالة الصحفية، ومن هنا يمكننا اعتبار الكاريكاتور مقالة صحفية من نوع آخر    مختلف عما يتم تناوله كتابياً..
وباعتبار رسام الكاريكاتور يملك قدرة على التعبير تختلف في قوتها عن الوسائل الاخرى عبر مفردات بسيطة يشكلها  بما يخدم فكرته وأسلوب ايصالها للمتلقي  فإن للفنان شجاعي أسلوباً يميزه بمفرداته عن الفنانين الاخرين، اذ ير سم بتكنيك بسيط، لا يعتمد فيه على الكلام، بشكل يصل مباشرة للمتلقي بعيداً عن أي تعقيد، وبما يجعل رسالته تصل كما يريد، فقد قدم خلال الحرب مع إيران عبر موقع الكتروني صوراً عن هذه الحرب تحمل أهدافاً مباشرة تعني المتلقي الامريكي ليفهم الابعاد التي تأخذها هذه الحرب والنتائج السيئة التي سيدفع ضريبتها الشعب…فالكاريكاتور لغة دولية، وبحكم ممارستي الطويلة لهذا الفن، فقد أصبح لدي الأسلوب الذي يميزني عن أي فنان آخر سواء بأسلوب عملي  أم حتى بالأفكار التي أتناولها بطريقة تختلف عن الآخرين..
ويخالف الفنان  شجاعي الرأي الذي يفيد بأن انتشار الفضائيات وطغيان الصورة المرئية على المشهد العام قد أثر على فاعلية الكاريكاتور، لأن هذا الفن يبقى محافظاً على موقعه بما يحمله من الفكاهة والسخرية المغلفة بطابع مأساوي يقدم الأحداث بطريقة قد لا تفيها الصورة حقها أحياناً، واستشهد بالمعرض الدولي الذي أقيم في إيران مؤخراً ، والذي شاركت فيه 67 دولة، وقد شكل هذا المعرض إقبالا جماهيرياً كبيراً، وحمل للمتلقي الكثير من المتعة والفائدة، وأبدى الجمهور الكثير من الاهتمام وعبر عن فهمه للأفكار المطروحة وتفاعله معها.
وأنا – برأيي- والحديث للفنان شجاعي- إن الكاريكاتور يمثل نوعاً من النقد للمجتمع وتعرية لظواهره السلبية، وله تأثيره الكبير على الحركة الثقافية والسياسية، فأي مشروع تقيمه الدولة مثلاً تتم متابعته من قبل رسامي الكاريكاتور من خلال تصوير مراحل انجازه والإشارة إلى الفترة الزمنية التي استغرقها هذا العمل،  ما يعني ان الكاريكاتور يتحمل مسؤولية رسالته في كل لحظة.
وبخصوص  هامش الحرية الذي يعمل  ضمنه الفنان شجاعي وفنانو الكاريكاتور من إيران يجيبنا ان هذا الهامش اصبح ضيقاً الآن في إيران،  لان الفنانين لا يرغبون الاصطدام مع أحد..
أما بالنسبة لي فأنا اعمل في مجال السياسة الخارجية، وكتابي الاخير كان موجهاً للجيش الامريكي فقط، لذلك فأنا اعمل بهامش حرية أكبر، وبما أنني رئيس  بيت الكارتون الإيراني فأكثر الأعمال تعليمية وفنية وليس لدي مشكلة…لكن  بالوقت نفسه هناك مواضيع محرم لدينا تناولها مثل الجنس والدين، فهذه تمثل بالنسبة  لنا جميعاً خطاً أحمر لا يمكن الاقتراب منه أبداً.
وكون الفنان شجاعي  يعمل في حقل الكرتون الفني الفكاهي فإنه حسب  قوله ليس لديه أية مشكلة مع الرقابة، ومهمة الرقابة تتم بداية من قبل محرر معتمد في الصحف والمجلات هو من يقرر إن كان العمل صالحاً للنشر أم لا، وبعد النشر إذا كان هناك أية إساءة فيحاسب المحرر والفنان معاً..وعندما سألته عن اختلاف الرؤية بينه وبين الفنان نيرومند حول مستقبل الكاريكاتور العربي، حيث الفنان شجاعي متفائل بهذا المستقبل، بينما الفنان نيرومند يرى ان الكاريكاتور العربي غائب بسبب تقوقعه، والضعف الذي يغلف فكرته، تحديداً في القضايا السياسية أجابني:
هو اختلاف في وجهات النظر ليس إلا، ولو أني أستغرب ان يكون هذا رأي الفنان نيرومند، فالكاريكاتور العربي له حضوره الهام على الساحة الفنية، وأنا اعمل مع الفنان نيرومند منذ ثلاثة وعشرين عاماً، وأعتقد انه يقصد برأيه ان رسامي الكاريكاتور السوريين يمكنهم ان يتحدوا  في موقف واحد يعبرون فيه عن رفضهم لإسرائيل وكرههم لها ولممارساتها الإجرامية، بينما يفتقد فنانون عرب آخرون لهذا الموقف ولا يستطيعون الالتزام به، ولنا في الشهيد ناجي العلي خير مثال على أهمية الكاريكاتور كسلاح يشهر  في وجه الصهاينة الذين قتلوه لأنه حاربهم بأعماله، ولو ان جميع الفنانين يملكون حرية العمل والمبادرة فإن تأثيرهم في المجتمع والحياة السياسية والرأي العام سيكون كبيراً دون  أدنى شك..ونحن في معرضنا عن «الهولوكست» الذي شاركت فيه (61) دولة طرحنا فكرة أنه اذا كان الألمان قد عملوا المحرقة اليهودية، فلماذا يدفع الشعب الفلسطيني ضريبة هذا الامر، وهذا ما سبب لنا مشكلة مع الاوروبيين، وأنا وعدد من رسامي الكاريكاتور منعنا من الذهاب الى الدول الاوروبية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه -يقول شجاعي- نحن لم نقل شيئاً ، وكلامنا منطقي وواقعي، ونحن والعالم أجمع نشهد كل يوم هولكستاً جديداً في أماكن مختلفة من العالم دون ان يكون هناك أي التفاتة من قبل المجتمع الدولي لهذه الجرائم وادانتها.
أما رأيه بالمسابقات ودورها في تطوير فن الكاريكاتور، وتحقيق التواصل العربي والعالمي بين فناني الكاريكاتور فإنه يرى ان هذا الفن تطور كثيراً في السنوات الاخيرة، وما يلمسه من تطورفي الفن السوري هو نتيجة الجهود التي تبذل للارتقاء بهذا الفن وانجاحه، اضافة للدعم المادي والمعنوي الذي تقدمه وزارة الاعلام وصحيفة البعث، في رعاية المهرجانات والمسابقات لهذا الفن وانجاحها، ولا ننسى هنا أيضاً الجهد الكبير للفنان رائد خليل في سعيه للتعريف بفن الكاريكاتور السوري والتطورات التي تطرأ عليه، وأهمية المعلومات التي يقدمها عبر موقعه الالكتروني «سورية كارتون» عن فن الكاريكاتور في العالم، هذا الموقع الذي أصبح معروفاً عالمياً.
أما المسابقة التي أنا هنا الآن للمشاركة بلجنة تحكيمها فأنا أراها من أفضل المسابقات سواء من حيث  أسلوبها أم من حيث الأعمال المشاركة، إذ تضمنت مشاركات أكثر من55 دولة ولأهم الفنانين العالميين، وكانت اغلب المشاركات جميلة ومعبرة وتقدم افكاراً عميقة وجريئة.
وأنهى الفنان شجاعي حديثه بتعبيره عن سعادته لوجوده في سورية ومشاركته بهذه المسابقة، وتمنى تواصل الاهتمام بفن الكاريكاتور، وتقديم العون للفنان رائد لمتابعة مشواره الفني ويبارك لسورية تقدم فن الكاريكاتور وازدهاره..

حوار: سلوى عباس
ترجمة تمام إبراهيم
 جريدة البعث: العدد : 13092  تاريخ: 08/3/2007
http://www.albaath.news.sy/epublisher/user/

10/3/2007


Director| Raed Khalil
موقع الكاريكاتور السوري الدولي
رسام الكاريكاتور السوري رائد خليل
| جميع الحقوق محفوظة|

 

More..
Latest news