مؤيد نعمة حي بفنه وافكاره الناقدة – ريشة تعتمد النكتة السوداء في السخرية من الواقع
مؤيد نعمة حي بفنه وافكاره الناقدة
ريشة تعتمد النكتة السوداء في السخرية من الواقع
اختطفت يد المنون أمس رسام الكاريكاتير المتألق مؤيد نعمة الذي أفني سنوات عمره حاملا ريشته الناقدة في رصد القضايا الساخنة في الساحة العراقية والعالم. وكان الراحل الذي شيع أمس إلى مثواه يري أن فن الكاريكاتير (يعتمد علي الضحكة أو الابتسامة في بداياته ومن ثم اصبح للكاريكاتير آفاق جديدة وكبيرة تدعو إلى التأمل وبالتالي هو شامل لكل الفنون وفن المستقبل). أما وظيفة رسام الكاريكاتير فتكمن برأيه في رصد وتقصي مشكلات الإنسان، وهو يتنبأ ويحاول أن ينتقد ويتنبأ بالمستقبل وذلك عن طريق تسجيل والتقاط اللحظات ليطلع عليها المشاهد وليري ما يمكن أن يكون للإنسان من مشكلات كما أن الصحافة هي الساحة الحقيقية لفن الكاريكاتير وهذا شيء صحي وطبيعي برأيه.
قال عن فنه (ما أفكر به هو أن أكون قريبا من أحداث بلدي وهذا هو حال جميع رسامي الكاريكاتير في العالم أجمع محاولا ترجمة ما أشاهده واشعر به إلى رسوم انشرها بالصحافة). وأما عن موضوعاته التي تشغل فكره وأنامله فهي بالتأكيد المعاناة السياسية التي يمر بها العراق اذ كان لها تأثير كبير علي شرائح المجتمع كافة في مقدمتهم الفنانين رسامي الكاريكاتير. مشيرا الي (أن معاناة العراق كبيرة وقد اخذت حصة كبيرة من تفكيري وبرأيي انه تفكير كل فنان ولكن ظروف الحصار علي العراق حالت دون اقامة معارض خارج العراق، وهذا ما وضعنا في دائرة مغلقة لا نعرف بما يجري في الساحة العربية والعالمية. نفتقر الي ابسط الادوات والي المصادر وهذا متأت من عدم مواصلة ما يقام في العالم من معارض ولكن هذا لا يعني ان مدرسة العراق في فن الكاريكاتير غير متميزة بل العكس وهذه ليست شهادتي وأنما شهادة كثير من فناني الكاريكاتير ولاسيما ان مدرسة بغداد اعتمدت علي نقل الواقع بأسلوب حديث، لم تعتمد علي الموقف الساخر المسطح والنكتة الساذجة بل دخلت في العمق).
مضيفا (واعمالي بالذات ابتعدت عن حدود الاضحاك واتجهت نحو السخرية السوداء ولاني اعتدت ان اغرف من بحور الثقافة والمواجهات الحقيقية مع الواقع لنقل ما يتعرض له الانسان المضطهد).
وعن مهمة رسام الكاريكاتير كان يقول (نقل الحقيقة يختلف من فنان الي آخر لقد كرست عملي في اعتمادي علي النكتة السوداء وعلي طبيعة معاناة العراقيين منذ سنوات الثمانينات، وبالنسبة لي لا إراديا اتجهت في رسوماتي نحو القتامة والغوص في المعاناة لزحمة التحديات التي سحبتني الي ان افكر في الجانب المظلم وبشكل سافر.
ورسام الكاريكاتير عليه ان يوضح ما هي الابتسامة الحقيقية ويغوص في عمق مشكلات الانسان ومن ثم يبحث عن افكار يوصلها عبر ادوات فن الكاريكاتير وكيف يجعل المشاهد يتعمق ويتفاعل مع رسوماته.
كان يقول : منذ بداياتي في السبعينات من القرن الماضي قررت ان تكون رسومي محددة وهادفة اي لا ارسم كما يراد مني بل ما اريده. وكان للرسم الاجتماعي حصة في مساحة افكاري ورسوماتي. والفنان بشكل عام يحاول ان يجد متنفسا وله يد في تقويم بعض العناصر في طرح وجهات نظره وهذا ما يجعل الفنان اكثر قربا للعالمية اي ان يكون متفتحا اكثر في طروحاته وافكاره وواعٍ بشكل افضل واعمق. وفي رسوماتي احرص ان يشاركني المتلقي او المشاهد في كل عمل انجزه بدون أي تعليق عليها علما أن الفنان مؤيد كان خزافا وممارسته للكاريكاتير كانت هواية وبالتالي انقلبت الحالة لانه كان يحاول ان يمزج بين الفنين ومنفذاً افكاراً كاريكاتيرية عن طريق الخزف.
كان للفنان نعمة ستراتيجية حياتية خاصة وباتت بصمة تحسب له. رحمه الله. لقد خسرنا فنانا اصيلا ومتميزا رافقته مؤخرا في دورة اعلامية اقيمت في ايطاليا وياليتني لم أحتك به عن قرب لانني تألمت وحزنت عليه ليس فقط كفنانٍ انما كأنسان عراقي راق. والفنان مؤيد نعمة من مواليد بغداد عام 1951 نشر له اول رسم في عمر السادسة عشرة ومن ثم شارك في تأسيس اول مجلة للاطفال في العراق. تخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1971 ثم شرع في مجال العمل رساما كاريكاتوريا في الصحافة اليومية. حاصل علي البكالوريوس في اكاديمية الفنون الجميلة قسم السيراميك. انجز العديد من الجداريات في بغداد والبصرة. شارك في العديد من المعارض خارج العراق واختير في لجان تحكيم بعض المسابقات الدولية. انتخب عام 1991 رئيسا للجنة الكاريكاتير العراقي. نشر رسومات عدة في صحيفة (العرب اليوم) الاردنية منذ عام 1997. شغل قبل رحيله رئاسة قسم الخزف في مديرية التراث الشعبي التابعة لوزارة الثقافة.
نضال الموسوي- بغداد
جريدة (الزمان) – العدد 2271 – التاريخ 29 / 11 /2005
1/12/2005
Director| Raed Khalil
موقع الكاريكاتور السوري الدولي
رسام الكاريكاتور السوري رائد خليل
| جميع الحقوق محفوظة|