الكاريكاتور العربي والمسابقات الدولية
الكاريكاتور العربي والمسابقات الدولية
اليوم، وفي ظل الثورة التكنولوجية، والانترنت، وسهولة النشر، يبدو للمتابع كثافة المسابقات العالمية لفن الكاريكاتور ومستوياته المتعددة. لقد أضحى فن الكاريكاتور متربعاُ على عرش الفنون بلا منازع. ولكن السؤال الذي يكتسب شرعيته من واقعه، أين هو الكاريكاتور العربي من هذا الحراك الثقافي الفني العالمي؟
فيؤكد البعض غيابه، لا بل تقوقعه، وعلى الرغم مما يثيره هذا الكلام من شجون في النفس، لكنه كتوصيف، لا يمكن وسمه بمجانبة الواقع، إذ تكفي نظرة سريعة إلى المشاركات العربية الضئيلة جدا من حيثية عددها في المسابقات العالمية، والمستوى التنفيذي الفني لمعظمها- وهنا استثني عددا من الفنانين العرب- قياسا على المشاركات الأجنبية، لاتضحت الأزمة التي يعاني منها الكاريكاتور العربي. هذا ولو أضفنا المستوى الفني المتواضع للكاريكاتور المنشور في الكثير من الصحف العربية دون الدخول في مواضيعها التي تطرح بشكل أساسي، لأن مثل هذا يستحق بحثاً مستقلاً، لتأكد مستوى هذه الأزمة، وبات من الضرورة بمكان تسليط الضوء على ما يمكن من جوانبها.
وبمحاولة قراءة أولية يقتضيها المجال، تبدو للأزمة مسببات عدة، منها ما هو ذاتي يعني فنان الكاريكاتور مباشرة، وآخر موضوعي يعنيه بعلاقته مع محيطه ،ومنها النظر إلى فن الكاريكاتور على أنه استهلاكي، وغياب الوعي النقدي الجاد والموضوعي في تقييم الأعمال الفنية ،و الاقتصار على اعتبار فن الكاريكاتور هو فن تنفيسي وحشره في زاوية الإضحاك ليس إلا.. وقد تطول اللائحة.
بالواقع قد تستحق هذه الأمور بعض الدراسات المطولة، في استدعاء الشواهد، ونحت الإجابات، ومحاولة طرح العلاجات الأولية، لكن مع هذا، وعودا على بدء فيما خصّ المسابقات، أطرح التساؤلات التالية: ماسبب التقصير الحاصل في قلة المشاركة العربية في المسابقات الدولية للكاريكاتور؟ وهل يصحّ إسقاط الرؤية التي باتت شبه متجذرة والمتمثلة باعتبار الكاريكاتور استهلاكياً، وللأسف يلعب فنان الكاريكاتور دورا مهما في ترسيخ هذا المفهوم، وتتبلور هذه الرؤية، بعدم العناية الفنية الكافية من الفنان بلوحته، لكونها يومية، متناسيا أنه بهذا يقوم باستغفال المتلقي وكأنه يداري سذاجته. وهل يصح إسقاط مثل هذه الرؤية السائدة نسبيا في الكثير من الصحف العربية على المسابقات الدولية من الفنان؟ ثم هل من المقبول السعي لوأد كل مشروع عمل كاريكاتوري عربي أخذا مكاناً له على الصعيد العالمي؟
يبدو فنان الكاريكاتور العربي أمام مهمة ذات أبعاد كبيرة، ترتبط برفع فن الكاريكاتور العربي إلى مصاف العالمية في المشاركة الجادة بالمسابقات الدولية، على مستوى التنفيذ الفني الراقي، وعلى مستوى الفكرة الخلاقة الإبداعية، وهو أمر متمكن منه، لما
يتميز به الكثير من رسامي الكاريكاتور العرب من وعي وإمكانات فنية تحتاج للتوظيف فقط . وإن لم تتم هذه المراعاة، فلعل النظرة العالمية للكاريكاتور العربي ستبقى على حالها، إن لم تزدد سوءاً.
وهنا، لا بدّ من دعم كل المشاريع الفنية العربية من مسابقات ومعارض وإقامة الجمعيات الفنية الكاريكاتورية بدلاً من وضع العصي بالعجلات، والاعتراض لأسباب اقل ما يقال فيها أنها غير مفهومة، رحمة بالكاريكاتور العربي، وبالفنانين العرب والمتلقين.
وأختم بقول لسبينوزا:”كل صفة من صفات الجوهر تبين الجوهر نفسه على السواء”.
وأسأل أيضاَ: هل من المقبول مع ما يتمتع به الأدب والشعر وصنوف الإبداع العربية الأخرى من أهمية ملأت الدنيا وشغلت الناس، أن يبقى حال الكاريكاتور العربي على ما هو عليه؟
نزار عثمان/ بيروت
جريدة البعث – العدد( 13165) تاريخ – 10/6/2007
15/6/2007
Director| Raed Khalil
موقع الكاريكاتور السوري الدولي
رسام الكاريكاتور السوري رائد خليل
| جميع الحقوق محفوظة|