فنان الكاريكاتور بين الريشة الحرة وتهمة العداء للسامية

116

فنان الكاريكاتور بين الريشة الحرة وتهمة العداء للسامية


خاص بموقع الكاريكاتور السوري

شهد العام المنصرم أحداثاً ارتبطت بمسألة المحرقة اليهودية “الهولوكوست” و”حرية التعبير” و”احترام الأديان”، وكان لها توظيفاتها السياسية وتداعياتها وردود الأفعال المعروفة حولها بين مؤيد لها ومعارض على مستوى العالم. واليوم، إذ تعلن الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تبنيها قراراً قدمت مسودته الولايات المتحدة الأميركية، وقد نصّ على إدانة أي إنكار الحدث التاريخي الهولوكوست ، الذي قد يتبلور الاستفهام حوله من جديد،وإيجاد مقاييس جديدة لـ “حرية التعبير” في العالم. وفن الكاريكاتور الذي كان له دوراً هاماً في تسليط الضوء على تلك القضية، فقد قوبل الحدث بالانتقاد والمواجهة والتذمر بعد إعلان جريدة همشهري الإيرانية عن مسابقتها الكاريكاتورية الدولية حول الهولوكوست أولا، والمؤتمر لمناقشة حقيقة المحرقة الذي دعت إليه إيران أيضاً. والاستفهام المطروح هنا، لا يقصد منه مناقشة حجم المحرقة اليهودية، ولا الغرض منه البحث في إثباتها أو إنكارها، بل الأمر الرئيسي هو تسليط الضوء على بعض المفردات التي تتعارض مع الحق في حرية التعبير .

يقول أحد منظمي ومحكمي مسابقة الهولوكوست و مسؤول بيت الكرتون الإيراني الفنان مسعود شجاعي طباطبائي في مقابلته التي ترجمتها ونشرتها في موقع الكاريكاتور السوري: “عندما نشرت الرسوم الكاريكاتورية التي تطال شخص النبي محمد (ص) في الصحف الأوربية، سارع الغربيون للإعلان أنه لا حدود لحرية التعبير! لكن عندما قمنا بتنظيم مسابقة الكرتون حول الهولوكوست، لم تعد “حرية التعبير” التي ينادون بها هي نفسها، فالرسوم الكرتونية التي مثلت الهولوكست منع نشرها في الغرب”، ويردف في إجابة أخرى”إذا رسمت أي شيء بخصوص الهولوكوست في فرنسا مثلاً قد تكون معرضاً للسجن و لدفع غرامة كبيرة…. لماذا”؟. ومن المعلوم أن القانون الفرنسي يحظر نشر أي مادة من شأنها أن تؤدي إلى إثارة الأحقاد أو الكراهية لدوافع عرقية أو دينية، ويمنع من تكذيب “الهولوكوست”، وقد سبق أن اتهم المفكر روجيه غارودي والصحفي إبراهيم نافع بتهمة “معاداة السامية” بموجب قانون “جيسو”. كما أن أحد القضاة الفرنسيين قام بتاريخ 10 آذار 2005 بمنع لوحات إعلانية لأحد بيوت تصميم الأزياء، وقد أخذت فكرتها من لوحة العشاء الأخير لدافنشي، وتم إزالتها من الشوارع في ثلاثة أيام بسبب إساءتها لأحد المذاهب الدينية، ولم تنفع محاولات محامي الدفاع إظهار حكم المنع كنوع من الرقابة والقمع لحرية التعبير.

يبدي جوزيف سيزابو الحائز على اثنتي عشر جائزة دولية في فن الكاريكاتور استياءه من إبراهام فوكسمان المدير الوطني للاتحاد المعادي للتشهير وأحد أهم المدافعين العالميين ضد “العداء للسامية”، إزاء موقف الأخير من الاستخدام المسيء لمسألة الاتهام بالعداء للسامية والتي أثيرت في اللقاء السنوي لفناني الكاريكاتور في الولايات المتحدة، المنعقد في الأول من حزيران عام 2006 بحضور السيناتور جون ماك كاين، والسيناتور أورين هاتش، ورئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن جيمس زغبي، إضافة إلى فوكسمان وشخصيات أخرى. يذكر سيزابو في مقالته المنشورة في موقعه على شبكة الانترنت “ويتي وورد” متهكما:”غيمة من التهديد ارتفعت من على المنبر الذي اعتلاه فوكسمان الذي صاح بصوت متهدج: إن هناك عدداً من رسامي الكاريكاتور الأميريكيين يبيحون لأنفسهم نشر رسوم معادية للسامية” وللتدليل على زعمه – يردف سيزابو- “قام فوكسمان بتوزيع كتيب عنون بـ”رسوم معادية للسامية في وسائل الإعلام”. ضم هذا الكتيب بحسب سيزابو أربعين رسماً لفنانين كاريكاتوريين أميريكيين، صنفت من قبله بكونها معادية للسامية. ومن أبرز تلك الرسوم لوحة للفنان الحائز ثلاث مرات على جائزة بوليتزر بول كونراد، تمثل طائرة إسرائيلية تتحفز للانقضاض على مئذنتين توءمتين محاكية في ذلك حدث الحادي عشر من أيلول- سبتمبر.

في حين أن الثانية للفنان نيك آندرسون، والتي تظهر شارون يستخدم قاطعة عشب شفرتها تمثل الصليب المعكوف النازي للتخلص من الأعشاب الضارة ( كون الشفرة غير واضحة المعالم، حيث أنها تمثل شعار النازية باعتراف فوكسمان نفسه، إلا انه صنفها معادية للسامية).

لا يجد سيزابو في هذين العملين الفنيين وغيرهما مما ضم كتيب فوكسمان عداء للسامية، إذ ليس المقصود منهما ومن غيرهما الإساءة لأي عرق أو دين مقابل كونهما نقداً كاريكاتورياً لسياسات متبعة في إسرائيل، يشابه النقد لسياسة أي دولة أخرى. ولا يخفي الرسام الأمريكي في نهاية مقالته امتعاضه من توجيه الاتهام لفناني الكاريكاتور بالعداء للسامية، لمجرد كونهم يمارسون عملهم النقدي للسياسات المتبعة من قبل الحكومات ومنها حكومة اسرائيل، ويعدّ مثل هذا الأمر تشهيراً سافراً.
وفي حادثة أخرى لاقت إحدى أعمال الفنان البريطاني( ديف براون) المنشور في صحيفة (الاندبندنت) البريطانية بتاريخ 27 كانون الثاني 2003، سخط اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا الذين سارعوا لاتهام الفنان والجريدة بالعداء للسامية، وقد صورت لوحة براون رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون عملاقاً يمسك وهو عار بطفل فلسطيني قاضماً رأسه متسائلاً بتحد “أين الخطأ؟، ألم تروا سياسياً يقبل طفلا؟”. وفي خلفية الكاريكاتور تظهر طائرات هليكوبتر ودبابات تطلق الصواريخ والقذائف التي تلحق الدمار بالفلسطينيين مع رسالة تقول “انتخبوا شارون” وأخرى “انتخبوا الليكود”.

 

وانطلاقاً مما أوردنا،هل بات بإمكان رسام الكاريكاتور انتقاد سياسات القتل الإسرائيلية دون أن يكون عرضة للاتهام والإدانة والتجريم بحسب القرار الصادر مؤخرا عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي افتتحنا المقالة بذكره؟
سؤال برسم الجميع.

————–

نزار عثمان- بيروت 30/1/2007


Director| Raed Khalil
موقع الكاريكاتور السوري الدولي
رسام الكاريكاتور السوري رائد خليل
| جميع الحقوق محفوظة|

 



More..
Latest news