رسامو الكاريكاتور الفلسطينييون

186

رسامو الكاريكاتور الفلسطينييون

 
ملف بقلم: عبد الله أبو راشد

*- الانتفاضة في عيون الشهيد ناجي العلي: جدلية الشهادة وحتمية انتصار إرادة الحياة
*- رسام الكاريكاتير الفلسطيني “عمر رضوان”: توصيف الفاجعة في كوميديا اللحظة المعايشة
*- كاريكاتير الفلسطيني أحمد عبد العزيز: أبجدية القول المباح
*- رسامة الكاريكاتير الفلسطينية أمية جحا: أبجدية التمسك بالحقوق والدفاع عن وطن وأمة.
*- رسام الكاريكاتير الفلسطيني خليل أبو عرفة: وظيفية الفن المقاوم

الانتفاضة في عيون الشهيد ناجي العلي: جدلية الشهادة وحتمية انتصار إرادة الحياة

لم تُخطئ فراسة الفنان الشهيد “ناجي العلي” رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي عبّر بالقول وبالفعل عن حقيقة الصراع المعايش والدور الوظيفي الذي يقفه المبدع العربي في معركة الوجود. وما استشهاده الدرامي في مدينة الضباب والتآمر الدولي “لندن” في 29 من شهر آب 1987 إلا دليل مادي على مصداقية مواقفه وسبل تفكيره ومصداقية مواقفه وأنماط حياته.

إن اللوحة الترسيمية الخطية “الكاريكاتيرية”هي سلاحه الأوحد الذي وجد فيه قتالاً من نوع آخر. سلاح قادر على صنع أفعال تفوق صمت الكلام والمدافع في لحظة مصيرية فاصلة من حياتنا، نحن المدافعين عن القضية. خاضها “ناجي العلي” باقتدار تقني وفكري،وبساطة عفوية في لغة سهلة تُكرس أبجدية جديدة في عوالم الصمت والقتل ومُقارعة كافة سُبل الانحياز للآخر الصهيوني المزود بكل الوسائل السمعية والبصرية والمقروءة والمدعمة بكل وسائل إفناء الشعب العربي الفلسطيني المتاحة من تكنولوجيا الدمار الأمريكي الأوربي الغربي بكل لغاته وانتماءاته وأيديولوجياته. رسوم تختزن همومنا وذاكرتنا الشعبية المثخنة بالجراحات والمجازر وعِبر الكلام والمواقف، وهي بطبيعة الحال ليست نوعاً من الترف الفكري أو دعابة لتسلية عيون المتلقين ولا تزيناً أنيقاً لرغبة حاذقة لمجلة أو صحيفة. إنما هي منشور سياسي بكل تفاصيله بمثابة (مانفيستو) كفاحي أممي قدمه لكل الناس من عرب وأعاجم. لكل الفئات والأديان والانتماءات الحزبية والأيديولوجية، المتعلمين والمثقفين “النخب” منهم الواقفين على أعتاب الحكام أو في معابر صناعة الثقافة ومعركة الوجود. أو أولئك الفقراء المحرومين المتمسكين بالعروة الوثقى للصمود والمقاومة، المعتصمين بحبل الله الموحدين وغير المتفرقين. المقاومين على الدوام لكل آلات الدمار الأمريكية – الغربية الأمريكية بصدورهم العارية وتوق للجهاد والاستشهاد وبأيديهم حفنة من حجارة وطن وذخيرة ذاكرة وأمل. يصوغ رسومه الكاريكاتيرية بيان ثورة ضد أعداء الأمة العربية ومقدساتها المسيحية والإسلامية في فلسطين، ولكل من تسول له نفسه المساس بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية للأمة العربية تتجاوز في نهجها وتفاعلاتها حدود الجغرافية القسرية التي أوجدها الاستعمار الأوربي الغربي، وحلقاته المتصلة عِبر الكيان الصهيوني وراعيته المعاصرة الولايات المتحدة الأمريكية. كتابه المفتوح على القراءة هو سِفر خطي بالأسود بالأبيض لا مكان للرمادي فيه، وأنه بذلك يوحي إلينا أن لا حلول وسط ما بين أن نكون أو لا نكون. ما بين الحياة أو الموت ذوداً عن حياض الوطن. والوطن لديه ليست فلسطين وحسب. إنما فلسطين بالنسبة إلية هي:” الاسم السري لكل الوطن العربي من محيطه لخليجه” بشجونه وآلامه، بآماله ومعاركه التي يخوضها بما سموه اصطلاحا الصراع العربي – الصهيوني. هاجسه المواطن العربي والوطن بكل تفاصيله الجمالية وعواصمه الثكلى التي تأخذ منه كل مأخذ، كلمة حق في أزمنة الصمت العربية والإسلامية في تصويرية بصرية مفتوحة على الذاكرة ومُفتحة للعقول والقلوب ليس فيها محاباة وخوف من أحد. فيها الحقيقة العارية المفهومة والواضحة من قِبل الصغير والكبير من كل الفئات والطبقات حكاماً وشعوب.

مدينة القدس العربية في ثوبها الإسلامي القشيب تحتل مساحة واسعة الطيف من ذاكرته وريشته، ولما لا فهي أولى القبلتين وثالث الحرمين. المدينة التي أسرى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم معرجا للسماء في مواجهة الحق في يومه الموعود. القدس المدينة الجريحة المسفوحة دمها على مقاصل العدو الصهيوني الغربي والأمريكي.

كان الشهيد “ناجي العلي” في ذاته الاستشهادية ورسومه انعكاساً مُثيراً لواقع مليء بدروب الآلام الفلسطينية- العربية والذكريات والأحداث الجسام، وعنوانا يومياً لسردية قصص البطولة التي قدمها قوافل الشهداء. يُقرأ من خلال خطوطه وملوناته المرفقة التوضيحية عناوين لطقوس درامية في اختصار مجازي لكتب ومقولات، ومواقف عبثية للمتاجرين بالقضية الفلسطينية والدماء. لا يُهادن أحداً يعرف ما يُريد، ولا يقبل الوقوف على أطلال الخراب متفرجاً. يصف المأساة بفهمه النضالي وتبصره لمآل واقعه وحكامه بتهكمية لاذعة. يُذكرنا بالمآثر التاريخية والمقولات الشعبية. يُدخلنا عنوة في مقولة (شر البلية ما يُضحك)، لكنه ضحك من نوع آخر. ضحك يختزل حياتنا في جمل أحيانا، وخطوطا وملونات سوداء فوق صريح الأبيض في أكثر الأحوال. الهم العربي هاجسه مُجسداً بتفاعلات الصراع العربي -الصهيوني. في كشف دقيق للأكاذيب والمواقف الزائفة والتشدق اللفظي والممارسات الخاطئة وخفايا النفوس والرؤوس باعتبارها مجاله الحيوي في رسومه. لا يجد نفسه بعيداً عنها يدخل محراب الحدث مقاتلاً شرساً بأسلحته القتالية الفاعلة فكرة وخطوطا وملونات سوداء تصدح بالحقيقة الواضحة التي لا تحتاج لتـأويل وتسويف. يقول ما يصعب قوله لدى الآخرين. ينشر أسراره وكتبه وأسفاره. يُبشر بالأمل في لحظات اليأس المطبق العواصم العربية موطنه والشعوب العربية المقهورة أهله وذويه. لا يخضع لمقاييس قسرية ودبلوماسية ولا تقف الحدود الكرتونية التي أوجدها الاستعمار في (سايكس – بيكو) عائقا في وجهه وانتشاره. تراه في كل الأوطان العربية جزءا لا يتجزأ من شعوبها. منحاز كليا للفقراء والكادحين وللرجال الأوفياء. لا تغريه الإتاوات ولا المناصب وظلم ذوي القربى. مُجاهد مميز في طقوس مميزة، عناوينه دائمة التوهج في كل مكان.

بيروت موطئ قدمه وساحة انتشاره، والقدس وفلسطين جهادًا لا ينتهي في حدود دمه المسفوح غِيلة في أزقة مدينة الخراب العدواني (لندن).

دمه ما زال يانعاً في أحفاده ورسومه الماثلة في مساحة الذاكرة البصرية والمعرفية لأجيال فلسطينية تعلمت دروس المقاومة من خلال رسومه الذين تتلمذوا على يديه وبياناته القتالية. كان وما زال تذكرة العبور المعلن لجراحتنا العربية وأسم حركي متنوع المسميات والأمكنة في أيامنا وليالينا العربية المظلمة يصيب منّا القلوب والعقول، ويُعمل سلاحه المتواضع خط ولون متساوق مع سلاح الحجر في الضفة الفلسطينية الأُخرى. وكيف لا وهو الناطق الرسمي الدائم باسم انتفاضة أهلنا في الأرض المحتلة منذ 1976 وحتى لحظة استشهاده.

…………..

كاريكاتير الرسام الفلسطيني “عمر رضوان”: توصيف الفاجعة في كوميدية اللحظة المعايشة

الفنان الفلسطيني ” عمر رضوان” من مواليد فلسطين ومقيم في غزة . خريج دبلوم سكرتارية، يتابع دراسته الأكاديمية في هندسة الديكور مُشارك في عدة معارض محلية وعربية. موقعه على شبكة الإنترنت ((www.omararts.i8.com. وهو واحد من المواهب الفنية التشكيلية الشابة التي تحمل في جعبتها مشروعاً فاعلاً في توصيف الفاجعة الفلسطينية عَبر توليفات الرسم الكاريكاتيري وتقنياته متعددة الخصائص التعبيرية، ولا تقل أعماله الفنية التشكيلية التصويرية المائية والزيتية جودة تقنية وفكرة تعبيرية عن لوحاته الكاريكاتيرية من حيث آليات توصيف أفكاره المرتبطة بذاكرة المكان الفلسطينية وبكل ما يمر به الشعب الفلسطيني من مجازر ومؤ مرات متعددة القوى الخلفية الفاعلة لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ومن لف في سطوتها العدوانية وفي مقدمهم العدو الصهيوني.

فن الكاريكاتير لديه محمول في وظيفة اجتماعية تبشيرية وبمثابة رسالة مفتوحة المعاني والدلالات لا محاباة فيها للعدو ولا الصديق، يأخذ على عاتقه توصيف الفجيعة والفضائح وخلفيات المؤامرات الدولية والعربية على الشعب العربي الفلسطيني لاسيما جدار الفصل العنصري وخارطة الطريق ووثيقة جينيف وموقف كافة الأطراف الفاعلة ذات الصلة فلسطينياً وعربياً ودولياُ. وكشف فاضح للدور العدواني لإدارة الرئيس الأمريكي “بوش” والصهيوني “شارون”. يمكن للمتلقي والدارس أن يتعامل مع مواضيعه في أربعة معابر رئيسة:

1- مواضيع متصلة بالعدوان الصهيوني في كافة أشكاله وأدواته التدميرية والقمعية لاسيما في ظل حكومة الإرهابي “شارون” وما حملته سياسته من مظالم ومجازر مُضافة في حق الشعب العربي الفلسطيني ولواء غزة على وجه الخصوص.

2- فضح السياسات العربية والدولية الرسمية وحقيقة المواقف العملية بشأن القضية الفلسطينية وانحيازها الدائم لمصلحة العدو الصهيوني.

3- كشف الممارسات الشائنة لبعض رموز السلطة الفلسطينية وموقف الشارع الفلسطيني من القضايا الإشكالية ومشكلة حق العودة واللاجئين على وجه التخصيص.

4- التركيز على أن القضية الفلسطينية هي المشكلة العربية العالقة والمؤثرة على مسارات المنطقة وأن العلاقة ما بين رموز العدوان الغربية واضحة وبينة لاسيما إدارتي (شارون – بوش).

فنياً تعامل مع الرسم اليدوي التخطيطي ثم المعالجة التقنية عِبر الرسم الحاسوبي في ملونات متناسبة والحالة التعبيرية الموصوفة، وجاءت رسوم في توليفات خطية ولونية بسيطة غير متكلفة ومفهومة لكافة الشخوص والأجيال والطبقات.

…………….

كاريكاتير الفلسطيني أحمد عبد العزيز: أبجدية القول المباح

مما لاشك فيه، بأن رسام الكاريكاتير الفلسطيني “احمد عبد العزيز”المولود في مدينة غزة بفلسطين والمقيم فيها. يُشكل في ذاته الوجودية والفنية حالة توافق واندماج ما بين ذاته كمواطن صاحب قضية ورسام مُحاول تلمس مساحة ممكنة من التعبير الفني عن هذه الذات.

لا مكان لديه لدبلوماسية السلوك والفن والقول “.يبق بحصته” الرسم والموقف السياسي، صريحة وعلنية غير مبال بمخاطر القول والفكرة وكأنه مشحون على الدوام بأبجدية القول البصري المباح، لا يُجامل في رسومه أية قيادة سياسية سواء أكانت فلسطينية أو عربية أو أجنبية. المجاهرة البصرية هي سيدة الموقف في تفاصيل سرديا ته. يجمع فيها المقولة الشعبية المداعبة لأفكار الناس في ذاتهم وقيادتهم وواقع القمع والاحتلال الصهيوني المدعوم أمريكياً، فيها من اليسر وسلاسة الفهم والتعبير والتواصل. سواء في حركة الخطوط ومساحة التلوين أو في العبارات التوضيحية المرافقة لمقولته المنشودة.

احتلت شخصية “عرفات” مساحة واسعة في رسومه وهي أشبه برسائل بصرية مُحددة.تُفصح عن حقيقة النمط الديمقراطي الذي يعيشه رسامي الداخل الفلسطيني من حرية وصف وتعبير تلامس المساحات الحمراء المحظورة التي لا نُشاهدها في عالمنا العربي. تراه يقول كلمته البصرية بكل صراحة وقسوة ووضوح أيديولوجي. محدداً موقعه كرسام فلسطيني وإنسان له رؤيته السياسية المتعارضة مع خط السلطة السياسية السائد. يعكس من خلال رسومه أحلام المواطن البسيط واللاجئ الحالم بالعودة للديار، ولأرض الجدود والذي يرى مسيرة الآلام الفلسطينية التي تبقيه لاجئاً ودائم التيقظ لأن يكون وقود المواجهة ودفع ضريبة الدم عن حكومات وأنظمة وأفراد.

العالم العربي والولايات المتحدة الأمريكية هي المقابل البصري لحقيقة المعاناة اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني من دوام الاحتلال وفقدان مسارات الأمل التي يُظهر فيها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ممسكة بكل خيوط اللعبة الدولية باعتبارها القوة العظمى الأحادية الجانب التي تصول وتجول في أقطار المعمورة صاحبة الأمر والنهي في مسارات الدول والحكومات والمنظمات الدولية الرسمية والأهلية التي غدت مجرد أحجار متواضعة في رقعة شطرنج اللاعب الأمريكي.

رسومه واضحة لا تحتمل التأويل نجد فيها لمسات الرسم الحاسوبي”الكمبيوتر” من خلال توزيع مساحات الألوان الصافية والتي تقدمه هاوياً للفن وصاحب موقف سياسي، وجد في فن الكاريكاتير فسحة لبوح إنساني صريح. موقعه على شبكة الإنترنت (www.noooo.net).

………………

رسامة الكاريكاتير الفلسطينية (أمية جحا): أبجدية التمسك بالحقوق والدفاع عن وطن وأمة

“أمية جحا” رسامة الكاريكاتير الفلسطينية الأكثر تميزاً في ميدانها القتالي من بين رسامي الكاريكاتير في فلسطين المحتلة وعلى مستوى الوطن العربي التي حققت لها حضوراً لافتاً في مساحة التعبير والتأثير سواء عبر الصحافة الفلسطينية والعربية اليومية أو عِبر موقعها على شبكة الإنترنت الذي يتعرض ما بين فترة وأخرى لقرصنة عدوانية من مؤسسات تنتمي إلى العالم ((المتحضر!!))

لا لذنب اقترفته سوى أنها تنتمي إلى أمة عربية، وذاكرة معرفية وجمالية وحضارية مكرسة لجدلية الانحياز للوطن وقضاياه المصيرية وخوض غمار دروبه الحياتية والنضالية من أجل الحصول على أبسط الحقوق ورفض آليات العدوان الصهيوني الجاثم على أرض فلسطين منذ مؤتمر بال 1897 وحتى يوميات انتفاضة الأقصى في فلسطين وهي تعبر عامها الرابع 2004. لأنها تقول الحقيقة العارية من كل زيف وادعاء والحقيقة الواقعة في عالم الحقبة العولمية من انسحاق الإنسان. وتوصيفها لواقع الحال المعايش من كافة الزوايا والجبهات والمشاركة في دفع الأذى والعدوان الصهيوني في خطوط وملونات بسيطة تفوح منها رائحة الجهاد، وقد كان زوجها الشهيد (رامي سعد) واحداً من قوافل الشهداء الذين غمرت دماؤه الطاهرة تراب الوطن قبل عام.‏

الفنانة (أمية جحا) من مواليد غزة بفلسطين عام 1972 خريجة قسم الرياضيات بجامعة الأزهر بالقاهرة بدرجة “امتياز شرف” وكانت الأولى على الجامعة عام 1995. نالت جائزة الصحافة العربية عام 2001 عن مجموعة من ابتكاراتها الفنية. عضو في جمعية “ناجي العلي” للفنون التشكيلية بفلسطين، تعتبر أول رسامة كاريكاتير عربية لها موقع خاص على شبكة الإنترنت الذي يحمل العنوان (www.omayya.com)تخوض من خلاله غمار الصراع العربي- الصهيوني مدافعة عن قضايا الحرية والكرامة للشعوب كافة والفلسطينيين على وجه الخصوص. عملت رسامة في أكثر من صحيفة فلسطينية وعربية لاسيما صحيفة القدس بفلسطين.‏

رسومها الكاريكاتيرية مشغولة بتقنيات فنية متعددة موزعة ما بين الرسم اليدوي والتلوين بالتقنيات المتاحة عِبر برامج الحاسوب “الكمبيوتر”، موقعها مُبوب في عناوين رئيسة مثل (الانتفاضة،فلسطيني،الأسرى،اللاجئين،عربي،عالمي). تقتحم برسومها بوابة الآلام الفلسطينية وأحزان الشعب وصراعه المرير مع العدو الصهيوني. تُشكل حالة قتالية من نوع مميز، لا تترك فرصة ابتكارية لجموح الخيال وسرعة البديهة وتكثيف مسارب المجاز الوصفي لفكرة ما أو موقف بصري إلا وتصوغها بلغتها التعبيرية، لغة مقترنة بكوميديات اللحظة السوداء الفاضحة والمباشرة، تاركة المدى التأملي مفتوح على التوصيل والتفكير. رسوم بسيطة تُخاطب كل الناس والعقول. صرخة تعبيرية لذاكرة بصرية منحازة كلياً لجماليات المكان العربي وصراعه التاريخي مع العدو الصهيوني متعدد الأماكن والأسماء.‏

………………. 

رسام الكاريكاتير الفلسطيني “خليل أبو عرفة”: وظيفية الفن المقاوِم

الدخول في عوالم رسام الكاريكاتير الفلسطيني (خليل أبو عرفة) يعني الإبحار في مساحة الحقيقة المجبولة بدماء الشعب الفلسطيني المقاوم وانتفاضاته المباركة المتتابعة في مواجهة آلة العدوان الصهيونية وتهافت الأطراف المساندة من القوى الأنكلو – أمريكية ومن يلف في فلكهم من أبناء جلدتنا المتدثرين بعباءة الولايات المتحدة الأمريكية وجنون العولمة. الفنان (أبو عرفة) من مواليد مدينة القدس عام 1957 درس الهندسة المعمارية بجامعة “كييف” في “أوكرانيا” متخرجاً منها بدرجة “ماجستير” عام 1983 ليعمل كأستاذ مُحاضر في جامعة “بير زيت” الفلسطينية حتى عام 1997. بدأ بنشر رسومه الكاريكاتيرية في الصحافة الفلسطينية تحت اسم مُستعار “غسان” ما بين أعوام (1985 – 1994)، وهو من رسامي جريدة “القدس” الفلسطينية الفاعلين ، تعرض للاعتقال من قبل قوات الاحتلال الصهيوني عدة مرات. جمع رسومه في كتاب وساهم في تأليف ورسم كتب خاصة بالأطفال ولديه موقع على شبكة الإنترنت يحمل العنوان: (www.abuarafeh.com).

فن الكاريكاتير بالنسبة إليه بمثابة سلاحه الفردي وهو الأكثر ضراوة في خياراته به ومن خلاله يجد فسحة لممارسة طقوس مقاومته بالريشة ومفاعيل الأفكار التي تكشف عُري المستور والتعبير عن مساحة الوجدان الإنساني ونبض الشارع الفلسطيني بكل فئاته، يرسم من خلاله خطى معركته ومفاصل ميدانه.مواكباً الحدث اليومي الفلسطيني والعربي وما يرتبط به من حالات اشتباك ومقاومة ما بين القوى العربية المناضلة وتلك المحتلة الصهيونية الأمريكية الأوربية المُعادية وسواهم في خارطة المجرة الكونية، وما يعتري القضية الفلسطينية من مؤثرات وعلاقات مشابهة في واحة الاحتلال والعدوان الإمبريالي المعاصر والتي تُجسد إدارة الولايات المتحدة الأمريكية أبرز وجوهه البشعة في احتلالها المشين للعراق. حيث جسدت رسومه معابر درامية لتوصيف واقع الحال العربي كصلة وصل كفاحية ما بين دروب الآلام في فلسطين والعراق بكل ما يُحيط بها من صمت وألم وقسوة. يُمكن تصنيف رسومه من حيث مواضيعها في خمسة مفاصل رئيسة: –

الأول: يأخذ جلَّ اهتمامه وهو مسيرة كفاح الشعب الفلسطيني كمجال الحيوي متواجد في كافة رسومه والمُعبرة عن حالة المعاناة والاشتباك اليومي مع العدو الصهيوني وموقفه السياسي المعلن من الحكومات الإسرائيلية وفي مقدمهم “شارون”.

الثاني: تشتمل على حالات الفعل الجماهيري المُقاوم التي تأخذ سمات انتفاضات متكررة في تاريخ القضية الفلسطينية ومسألة الصراع التاريخي والوجودي.

الثالث: نقد صريح للقيادة الفلسطينية المستنفذة في فلسطين من وضع يده على الجرح وتصوير دقيق لواقع الحال دون مواربة ومحاباة لأحد.

الرابع: مُخصص لتصوير الواقع القمعي الصهيوني وتصوير لحالات الهلع في داخل المؤسسة الصهيونية بسبب المقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني.

الخامس: يفرده كمساحة للتفاعل السياسي مع المواقف الأمريكية عموماً وإدارة الرئيس الأمريكي”بوش” خصوصاً وما يتصل بأحلامهم الشرق أوسطية وتبيان العلاقة الكفاحية ما بين الشعبين العربيين في فلسطين والعراق كوجوه مُشرقة لمقاومة عدو مشترك.

فنياً تعامل مع رسومه بتقنيات الرسم الملون القائم على المساحات الخلفية المتجانسة مع المفردات والعناصر الشكلية الرئيسة في داخل بنية التكوين الجامع للفكرة والتقنية فيه توليفة شكلية ما بين الرسم اليدوي المباشر وغير المباشر والمشغول عن طريق الحاسب والبرامج الرسومية واسعة الطيف الذي وجد فيه فرصة سانحة لتطوير أدواته ووهج أفكاره في رسوم تختزل رؤاه الفنية والموضوعية بلا غموض، جامعة لخصائص الكاريكاتير التحريضية في بساطة وصفية من خطوط وملونات وكلمات مكتوبة بلسان شخوصها فيها شيء من الذاكرة الشعبية والحس الجماهيري النقدي والقدرة على التوصيل.


Director| Raed Khalil
موقع الكاريكاتور السوري الدولي
رسام الكاريكاتور السوري رائد خليل
| جميع الحقوق محفوظة|

 

 


 

More..
Latest news